السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه بعض الأعمال الفاضلة التي ينبغي على المسلم الاجتهاد في فعلها في هذه الليالي المباركة نسأل الله أن يعننا وإياك على أداءها ومن هذه الأعمال :
أولاً : الصوم
قال صلى الله عليه وسلم : ( كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر
أمثالها إلى سبعمائة ضعف . يقول الله عز وجل : إلا الصيام فإنه
لي وأنا أجزي به ، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ،
للصائم فرحتان ؛ فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه، و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) [أخرجه
البخاري ومسلم] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيماناً و احتساباً
غفر له ما تقدم من ذنبه ) [أخرجه البخاري ومسلم] .
لا شك أن هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن
الطعام والشراب فقط ، وإنما كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في
أن يدع طعامه وشرابه ) [أخرجه البخاري] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الصوم جنة ، فإذا كان يوم صوم
أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل ، فإن سابه أحد فليقل إني
امرؤ صائم ) [أخرجه البخاري ومسلم] .
فإذا صمت ـ يا عبد الله ـ فليصم سمعك وبصرك ولسانك
وجميع جوارحك ، ولا يكن صومك ويوم فطرك سواء .
ثانياً : القيام
قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر
له ما تقدم من ذنبه ) [أخرجه البخاري ومسلم] .
وقال تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً . والذين يبيتون لربهم
سجداً وقياما ) [الفرقان 63 ـ 64] .
وقد كان قيام الليل دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
قالت عائشة : رضي الله عنها : ( لا تدع قيام الليل ، فإن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه ، وكان إذا مرض أو كسل
صلى قاعداً .
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يصلي من الليل
ما شاء حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة ثم يقول
لهم : الصلاة ، الصلاة .. ويتلو هذه الآية : ( وأمر أهلك
بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى )
[طه الآية 132] .
وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية : ( أمن هو قانت آناء الليل
ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) [الزمر الآية 9]
قال : ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال ابن حاتم : وإنما
قال ابن عمر ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل
وقراءته حتى أنه ربما قرأ القرآن في ركعة
وعن علقمة بن قيس قال : بت مع عبد الله بن مسعود ـ رضي الله
عنه ـ ليلة فقام أول الليل ثم قام يصلي فكان يقرأ قراءة الإمام
في المسجد يرتل ولا يرجع يسمع من حوله ولا يرجع صوته ،
حتى لم يبق من الغلس إلا كما بين المغرب إلى الانصراف منها
ثم أوتر .
وفي حديث السائب بن زيد قال : كان القارئ يقرأ بالمئين ـ
يعني بمئات الآيات ـ حتى كنا نعتمد على العصي من طول
القيام قال : وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر .
تنبيه : ينبغي لك أخي المسلم أن تكمل التراويح مع الإمام حتى
تكتب في القائمين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام مع
إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) [رواه أهل السنن] .
ثالثاً : الصدقة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود
ما يكون في رمضان ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة ..
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصدقة صدقة في
رمضان ) [أخرجه الترمذي عن أنس] .
روى زيد بن أسلم عن أبيه ، قال سمعت عمر بن الخطاب ـ
رضي الله عنه ـ يقول : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي ، فقلت : اليوم أسبق أبا بكر
إن سبقته يوما ، قال فجئت بنصف مالي ـ قال : فقال لي رسول
الله : ( ما أبقيت لأهلك ) . قال : فقلت مثله ، وأتى أبو بكر بكل
ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أبقيت
لأهلك ) قال أبقيت لهم الله ورسوله ، قلت : لا أسابقك إلى شيء أبداً .
فيا أخي :
للصدقة في رمضان مزية وخصوصية فبادر إليها واحرص
على أدائها بحسب حالك ولها صور كثيرة منها :
أ ـ إطعام الطعام :
قال الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف
من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم
نضرةً وسروراً وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً ) [الإنسان
8 ـ 12] .
فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه
على كثير من العبادات . سواءً كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام
أخ صالح ، فلا يشترط في المطعم الفقر ، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله
من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ) [
رواه الترمذي بسند حسن] .
وقد قال بعض السلف : لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم
طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل !!
وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله
بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وداود الطائي ومالك بن دينار ،
وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى
والمساكين .
وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس
يخدمهم ويروحهم .. منهم الحسن وابن المبارك .
قال أبو السوار العدوي : كان رجال من بني عدي يصلون في
هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده ، إن وجد
من يأكل معه أكل وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع
الناس وأكل الناس معه .
وعبادة إطعام الطعام ، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها التودد
والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم فيكون ذلك سبباً في
دخول الجنة : ( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا
حتى تحابوا ) كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر
في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك .
ب ـ تفطير الصائمين :
قال صلى الله عليه وسلم : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره
غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ) أخرجه أحمد
والنسائي وصححه الألباني . وفي حديث سلمان : ( ومن فطر
فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار ، وكان له
مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا : يا رسول
الله
ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن
أو تمرة أو شربة ماء ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربةً
لا يظمأ بعدها ، حتى يدخل الجنة ) .
رابعاً : قراءة القرآن
سأذكرك يا أخي هنا بأمرين عن حال السلف الصالح :
كثرة قراءة القران
شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من
قراءته ، وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله ، فكان
جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان ،
وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل يوم
مرة ، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث
ليال ، وبعضهم في كل سبع ، وبعضهم في كل عشر ، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها ، فكان للشافعي في
رمضان ستون ختمه ، يقرؤها في غير الصلاة ، وكان الأسود
يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان ، وكان الزهري إذا دخل
رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة
القرآن من المصحف ، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان
ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن .
قال ابن رجب : إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من
ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة
كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ،
أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان
والمكان .
البكاء عند تلاوة القرآن أو سماعة
لم يكن هدي السلف هذ القرآن هذ الشعر دون تدبر وفهم ، وإنما
كانوا يتأثرون بكلام الله عز وجل ويحركون به القلوب .
ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرأ علي . فقلت : أقرأ
عليك وعليك أنزل ؟ فقال إني أحب أن أسمعه من غيري قال : فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) قال : حسبك ، فالتفت فإذا عيناه تذرفان ) .
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت
( أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون ) بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يلج النار من بكى من خشية الله ) .
خامساً : الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس
كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إذا صلى الغداة ـ أي الفجر
ـ جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس .. [أخرجه مسلم] .
وأخرج الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه
قال : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع
الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) [ صححه الألباني] . هذا في كل الأيام فكيف بأيام رمضان ؟
فيا أخي .. رعاك الله استعن على تحصيل هذا الثواب الجزيل
بنوم الليل والإقتداء بالصالحين ، ومجاهدة النفس في ذات الله
وعلو الهمة لبلوغ الذروة من منازل الجنة .
سادساًً : الاعتكاف
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام
، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً ..
[أخرجه البخاري] .
فالاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات ؛ من التلاوة
، والصلاة ، والذكر ، والدعاء ، وغيرها . وقد يتصور من
لم يجربه صعوبته ومشقته ، وهو يسير على من يسره الله عليه ،
فمن تسلح بالنية الصالحة ، والعزيمة الصادقة ، أعانه الله .
وآكد الاعتكاف في العشر الأواخر تحرياً لليلة القدر ، وهو
الخلوة الشرعية ، فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره ، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه ، وعكف بقلبه وقالبه على
ربه وما يقربه منه ، فما بقي له هم سوى الله و ما يرضيه عنه .
ونظراً لأن الكثير من الناس اليوم يجهل أحكام الاعتكاف فإنني
أقدم هذه المعلومات المبسطة عن الاعتكاف .
تعريف الاعتكاف :
في اللغة : لزوم الشيء وحبس النفس عليه .
وفي الشرع : لزوم المسجد والإقامة فيه من شخص مخصوص بنية التقرب إلى الله تعالى .
حكمة التشريع في الاعتكاف :
قال ابن القيم رحمه اله مبيناً بعض الحكم من الاعتكاف ما نصه
( لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى
، متوقفاً على جمعيته على الله ، ولم شعثه بإقباله بالكلية على
الله تعالى ؛ فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى ،
وكان فضول الطعام والشراب ، وفضول مخالطة الأنام ،
وفضول الكلام ، وفضول المنام ؛ مما يزيده شعثاً ويشتته في كل
واد ، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه ، اقتضت
رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب
فضول الطعام والشراب و يستفرغ من القلب أخلاط الشهوات
المعوقة عن سيره إلى الله ، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصودة وروحه عكوف القلب على الله تعالى ، والخلوة به ، والانقطاع
عن الاشتغال بالخلق ، والاشتغال به وحده ، بحيث يصير ذكره
وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطرا ته فيستولي
عليه بدلها ... ) .
حكم الاعتكاف :
الاعتكاف قربة وطاعة وفعله سنة ، وهو في رمضان آكد و آكده
في العشر الأخيرة منه لكنه يجب بالنذر . ودليل ذلك
ما يلي :
1ـ قوله تعالى : ( وطهر بيتي للطائفين والعاكفين )
2ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله
عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام
الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً ) [رواه البخاري] .
3ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم : يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة دخل مكانه
الذي اعتكف فيه ... ) [متفق عليه] .
4ـ وعنها رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل
ثم اعتكف أزواجه من بعده ) [متفق عليه] .
5ـ أما وجوبه بالنذر فلقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن
يطيع الله فليطعه ) متفق عليه
ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر سأل النبي صلى
الله عليه وسلم قال : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة
في المسجد الحرام . قال : ( أوف بنذرك ) .
شروط الاعتكاف :
1 ـ الإسلام 2-العقل 3-لتميز . 4 ـ النية . 5 ـ المسجد .
6ـ الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس .
ما يستحب للمعتكف :
1ـ الإكثار من الطاعات كالصلاة وتلاوة القرآن .
2ـ اجتناب ما لا يعنيه من الأقوال فيجتنب الجدال والمراء و
السباب ونحو ذلك .
3ـ أن يلزم مكاناً من المسجد لما ثبت في صحيح مسلم عن نافع
قال : ( وقد أراني عبد الله ـ يعني ابن عمر ـ المكان الذي كان
يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد ) .
ما يباح للمعتكف :
1ـ الخروج لحاجه التي لابد منها ك لما ثبت عن عائشة رضي
الله عنها أنها قالت :
( السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً و لا يشهد جنازة و لا
يمس امرأة و لا يباشرها و لا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه ) [رواه أبو داود وقال الحافظ : ولا بأس برجاله] .
2ـ وله أن يأكل ويشرب في المسجد وينام فيه مع المحافظة
على نظافته وصيانته .
3ـ الكلام المباح لحاجته أو محادثة غيره .
4ـ ترجيل شعره وتقليم أظافره وتنظيف بدنه ولبس أحسن
الثياب والتطيب بالطيب ، فعن عائشة رضي عنها قالت
: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون معتكفا في
المسجد فيناولني رأسه من خلل الحجرة فأغسل رأسه )
وفي رواية ( فأرجله ) [متفق عليه] .
5ـ خروجه من معتكفه لتوديع أهله لحديث صفية أن النبي صلى
الله عليه وسلم فعل ذلك .
ما يكره للمعتكف :
1ـ البيع والشراء 2ـ الكلام بما فيه إثم 3ـ الصمت عن الكلام مطلقاً
إن اعتقده عباده .
مبطلات الاعتكاف :
1ـ الخروج من المسجد لغير حاجة عمدا ولو قل . 2ـ الجماع .
3ـ ذهاب العقل بجنون أو سكر . 4ـ الردة أعاذنا الله منها .
5ـ الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة لفوات شرط الطهارة .
وقت دخول المعتكف المسجد والخروج منه :
متى دخل المعتكف المسجد ونوى التقرب إلى الله بالمكث فيه
صار معتكفاً حتى يخرج ، فإن نوى اعتكاف العشر الأواخر
من رمضان فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس ويخرج
بعد غروب الشمس آخر يوم من الشهر .
تنبيهات :
1ـ من شرع في الاعتكاف متطوعاً ثم قطعه استحب له قضاؤه
؛ لفعله صلى الله عليه وسلم حيث قضاه في شوال . أما من نذر
أن يعتكف ثم شرع فيه وأفسده وجب عليه قضاؤه .
2ـ للمرأة الاعتكاف في المسجد إن أمنت الفتنة و بشرط أذن
زوجها فإن اعتكفت بغير إذنه فله إخراجها ؛ والأحكام
المتعلقة بالاعتكاف بالنسبة للمرأة كالرجل إلا إذا حاضت
بطل اعتكافها فإن طهرت عادت فأكملته . ويسن استتار
المعتكفة بخباء في مكان لا يصلي فيه الرجال .
3ـ من نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لم يجز له الاعتكاف
في غيره . وإن نذره في المسجد النبوي وجب عليه الاعتكاف فيه
أو في المسجد الحرام . وإن نذره في المسجد الأقصى وجب
عليه الاعتكاف في أحد هذه المساجد الثلاثة .
وأخيراً :
أخي المسلم ... بادر بإحياء هذه السنة ونشرها بين أهلك
وأقاربك وبين إخوانك وزملائك وفي مجتمعك ، لعل الله أن يكتب
لك أجرها وأجر من عمل بها .
فقد أخرج الترمذي وحسنه من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه
عن جده ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث
: اعلم ، قال : ما أعلم يا رسول الله ؟ قال : إنه من أحيا سنة من
سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير
أن ينقص من أجورهم شيئا ) .
إضافة إلى ما في سنة الاعتكاف من الفوائد في تربية
النفس وترويضها على طاعة الله عز وجل ، فما أحوج
المسلمين عامة والدعاة منهم خاصة إلى القيام بهذه السنة .
سابعاً : العمرة في رمضان
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( عمرة في
رمضان تعدل حجة ) [أخرجه البخاري و مسلم] .
وفي رواية : ( حجة معي ) . فهنيئا لك ـ يا أخي ـ بحجة
مع النبي صلى الله عليه وسلم .
ثامناً : تحري ليلة القدر
قال الله تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر
ليلة القدر خير من ألف شهر ) [القدر الآيات 1ـ3] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا
غفر له ما تقدم من ذنبه ) [أخرجه البخاري ومسلم] .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ويأمر
أصحابه بتحريها ، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء
أن يدركوا ليلة القدر . وفي د عن عبادة مرفوعا : ( من
قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) .
وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين الاغتسال
والتطيب في ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها الله
ورفع قدرها .
فيا من أضاع عمره في لا شيء ، استدرك ما فاتك في ليلة
القدر ، فإنها تحسب من العمر ، والعمل فيها خير من العمل في
ألف شهر سواها ، من حرم خيرها فقد حرم .
وهي في العشر الأواخر من رمضان ، وهي في الوتر من
لياليه أحرى ، وأرجى الليالي ليلة سبع وعشرين ، لما روى
مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه : ( والله إني لأعلم أي ليلة
هي ، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها
، وهي ليلة سبع وعشرين ) ..
وكان أبي يحلف على ذلك ويقول : ( بالآية والعلامة التي اخبرنا
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن الشمس تطلع صبيحتها
لا شعاع لها . وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت
: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال :قولي اللهم إنك
عفو تحب العفو فاعف عني ) .
تاسعاً : الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار
أخي الكريم .. أيام وليالي رمضان أزمنة فاضلة فاغتنمها
بالإكثار من الدعاء وبخاصة في أوقات الإجابة ومنها :
1ـ عند الإفطار ، فللصائم عند فطره دعوة لا ترد .
2ـ ثلث الليل الآخر . حين ينزل ربنا تبارك وتعالى ويقول : ( هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له ) .
3ـ الاستغفار بالأسحار : قال تعالى : ( وبالأسحار هم يستغفرون ) .
4ـ تحري ساعة الإجابة يوم الجمعة وأحراها آخر ساعة من نهار يوم الجمعة .
عاشراً : صلة الرحم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول ( من سره أن يبسط في رزقه وينسأ في أجله
فليصل رحمه ) ومعنى ينسأ أي يؤخر [رواه البخاري] .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال
( صلة الرحم تزيد في العمر ) حسنه المناوي في فيض
القدير وصححه الألباني في صحيح الجامع .
إن صلة الرحم من محاسن الأخلاق التي حث عليها الإسلام
ودعا إليها وحذر من قطيعتها . فقد دعا الله عز وجل عباده
بصلة أرحامهم في تسع عشرة آية من كتابه الكريم ، وأنذر من
قطع رحمه باللعن والعذاب في ثلاث آيات . ولهذا دأب
الصالحون من سلف الأمة على صلة أرحامهم رغم صعوبة وسائل الاتصال
في عصرهم . أما في وقتنا المعاصر فرغم توفر مختلف
وسائل النقل والاتصال إلا أنه لا يزال هناك تقصير في صلة الرحم
، إن أدنى الصلة أن تصل أرحامك ولو بالسلام . روى عن
ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : ( بلوا أرحامكم ولو بالسلام ) [حسنه الألباني في
صحيح الجامع] . فحري بك أخي المسلم في هذا الشهر الكريم
أن تصل رحمك فإن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله .